کد مطلب:306552 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:224

النور الثانی


و مرت الایام علی هذه الشاكلة تعدو سریعاً، كی تدع العیون تبصر اكثر الی شخص فاطمة.

إنها الآن تحمل جنیناً آخراً مباركاً ما كان بینه و بین الحسن إلّا بضعة أشهر. لكن هذه المرة یرون الزهراء بدت أجمل و أروع رغم نحافة بدنها الشدیدة، بل ان حزنها القدیم أخذ یتلاشی و تتبدل مكانه ابتسامة یافعة.

أجل مولاتی، فقد بدت عیناك تنعمان فی تأملاتها، اذ تنتظر بزوغ النور الذی


سیحدث سعادة أكثر فی حیاتك.

تأهبت السماء لتزف بشری اشراق هذا النور علی أهل السماء، و الأرض.

فصار الكون رائع جمیل و سماءه صافیة الازرقاق، تلمع وسطه نجوم تبعث من حولها طوقاً من نوره یبهج العیون، عند ذلك لبست الأرض وشاحها الأخضر وانتشرت فیها زنابق الربیع والأعشاب الخضراء، فبث البلسمان اریجه فی الرحاب لیجتاح بخوره كل الوجود.

فحملت الملائكة الاقحوان الأبیض لترسل بعبیره نحو الاثیر، و تبارك لفاطمة بمولدها الذی احتضنه ابوه، لیقدمه (لجده الرسول و الذی كان أمره كأمر أخیه الحسن.. حتی ابلغ جبرائیل النبی باسم شبیر).

فعبر له سید الوری: بأن لسانه عربی فأجابه الملك:

- (سمه الحسین).. فرحت نفس النبی بولادة الحسین، و سرّ سروراً عظیماً.

فعم الدنیا ابتهاج و فرح واقبل النبی یحمله بین یدیه، و یسقیه من لعابه الطاهر، فینظر إلی عینی حفیده فیراهما رائعتین مشرقتین بنور سنی زاهر، اذ لا تقل شمائله جمالاً عن أخیه الحسن.

و لطالما انتظرت بنت المصطفی هذه اللحظات، اذ هی الآن صارت اُماً لریحانتی سید المرسلین، كما قد اسماهما جدهما: «ان الحسن والحسین هما ریحانتای من الدنیا». [1] .

.. وها هما وسط حجره الذی كبرا فیه، و هما ینتهلان من نهله الذی لا ینفد من العلم والحكمة والایمان.



[1] الأدب المفرد ص 14، النسائي في خصائصه ص 37، أبونعيم في حلية الأولياء ج 5 ص 70، أبوداود الطيالسي في مسنده ج 7 ص 260، فتح الباري في شرح البخاري ج 8 ص 100، أحمد بن حنبل في مسنده ج 2 ص 85 و ص 93 و ص 114 و ص 153 بألفاظ متقاربة، الترمذي في صحيحه، ج 2 ص 306.